صراعات واتهامات متبادلة وحرب كلامية تصل في غالب الأحيان الى السب والقذف والتشهير في حق أبناء الجالي المغربية بكندا
تعيش الجالية المغربية المقيمة بالديار الكندية والتي يتجاوز عددها 260 ألف مغربية ومغربي، على واقع انقسامات وصراعات بين العديد من أبناء مغاربة كندا، لأسباب في غالب الأحيان لا تستحق كل تلك الحروب الكلامية والتراشق بالكلمات؛ بل أن هذه الصراعات تصل في غالب الأحيان الى السب والقذف والتشهير، بطرق غير مباشرة وذلك لتفادي الوقوع في المتابعة القضائية، حيث أن مثل هذه الأفعال تعتبر جرائم بحسب القانون الكندي ولها عقوبات صارمة
وعلى الرغم من وجود عقوبات جزرية طبقا للقوانين الكندية، في حق كل من أقدم على التشهير والسب أو نشر أخبار زائفة من شأنها المساس بسمعة شخص أخر، إلا أن مجموعة من المغاربة المقيمين بكندا وبالضبط بمقاطعة الكيبك، يسخرون كل جهودهم للنيل من أبناء وطنهم وانتقاد الأنشطة والفعاليات التي تنظمها بعض الجمعيات التي يسيرها مغاربة كندا
وحسب دراسة أجرتها ” أسبوعية أوريجين ” فإن عدد المغاربة المقيمين بكندا النشطين على المستوى الجمعوي والثقافي، لا يتجاوز عددهم ألف شخص في منطقة مونتريال الكبرى بينهم فئة نشطة على مواقع التواصل الاجتماعي، وتسخر وقتها لانتقاد وتشويه من يحاول النجاح وشق طريقه وحده بعيدا عن التجمعات التي أصبح بعض أفراد الجالية المغربية يشبهونها “بالعصابات”؛ إذ أصبحنا نلاحظ حملات تشهير وسب وقذف في حق مغاربة بطرق ملتوية وفيها من التحايل ما يجنب محترفي هذه الأفعال العقوبات القانونية
هذا التفكك والانقسام الذي تعيشه الجالية المغربية بسبب الصراعات الثنائية بين فئة ليس من مصلحتها توحيد صفوف مغاربة كندان واشتغالهم على مشاريع تخدم مصالح الجالية قاطبة، إذ أن الربح الذي يجنيه هؤلاء من وراء التفرقة هو الترويج لأنشطتهم واستغلال اسم الجالية للحصول على جميع أنواع الدعم لخدمة مصالحهم الخاصة، وخداع المسؤولين بإقناعهم بأنهم قادرون على التأثير على مغاربة كندا
أبرز قضايا التشهير بين مهاجرين مغاربة التي عرضت على القضاء بكندا
بالرجوع الى تاريخ مثل هذه الجرائم نجد أن عبد الرحيم خيي بابا،تعرض لحملة تشهير من طرف رشيد نجاحي المدير التجاري لصحيفة”أطلس ميديا” بكندا و عبد الغني داداس الصحفي بهذه الأخيرة وعضو مجلس الجالية المغربية بالخارج، لمدة تجاوزت الأربع سنوات، وهو ما دفع عبد الرحيم الى تقديم شكاية للقضاء، خاصة بعد نشر مقال في يونيو سنة 2009 يتحدث عن وجود سجل “إجرامي ضخم” لعبد الرحيم خيي بابا وهو المقال التي تمت إعادة نشره في شهر يوليوز؛ وذلك حسب ما جاء في تقرير المحكمة العليا للملف رقم 500-17-051235-094
وحسب مقال نشر على موقع” Maroc observateur» بتاريخ 27 يوليوز 2009 من طرف خيي بابا ضم توضيحات معززة بأدلة، حول عدم صحة ما تم نشره من طرف المشهرين به، وجاء في المقال أيضا مجموعة من المعطيات المثيرة حول السجل العدلي لرشيد نجاحي، الذي توبع غير ما مرة من أجل جرائم تتعلق نقل وحيازة الكوكايين، كما أعلن عبد الرحيم عند نهاية مقاله أنه عازم على وضع شكاية لدى المحكمة العليا
وجاء في محضر المحكمة أيضا أن نجاحي و داداس عملا على نشر معلومات تتضمن اتهامات لا أساس لها من الصحة، كما أنها مست بسمعة المشتكي وهو ما دفعه الى تقديم كافة الأدلة التي تثبت “التشهير” في حقه من طرف والمدعى عليم وطالب بتعويض معنوي بقيمة 100 ألف دولار وتعويض عن الضرر بقيمة 50 ألف دولار، وحسب مصادر “أسبوعية أوريجين” فإن القضية تتعلق بنشر اتهامات في حق خيي بابا، والقول بأنه يمتلك “سجل إجراميا ضخما “، ووضع شكاية ضد عبد الرحيم بدعوى أنه “قام في بالتشهير في حق العديد من الشخصيات السياسية والديبلوماسية وكذا صاحب الجريدة ضمن حلقات 18و25 مارس و 1 ابريل من برنامجه الذي كان يبث كل سبت على إذاعة CPAM “
ورغم العديد من المحاولات التي تمت بهدف المصالحة بين عبد الرحيم ورشيد نجاحي، الذي كانت تربطهما علاقة صداقة قوية، تحولت الى خلاف ثم إلى عداوة دامت لسنوات، حيث أن المشتكى بهما حسب ما جاء في المقال الذي نشره عبد الرحيم في الموقع المذكور أعلاه، عملا طيلة سنوات على تشويه سمعته واتهامه اتهامات لا أساس لها من الصحة، وهو ما أثر سلبا على سمعة الرجل حسب قوله، وبما أن القضاء الكندي واضح وصارم في مثل هذه الأمور فقد تمت متابعتهم بتهم التشهير ونشر أخبار كاذبة
وحسب أهم ما جاء في تقرير الحكم الصادر من طرف المحكمة العليا بتاريخ 22 من يناير 2013 والتي ألزمت مالك الصحيفة رشيد نجاحي وعبد الغني داداس بأداء مبلغ 30 ألف دولار كتعويض لصالح عبد الرحيم خوي بابا مع إلزامهم بعدم نشر أي معلومات بشكل مباشر أو غير مباشر عن هذا الأخير، وتجدر الإشارة إلى أن مبلغ التعويض ضم 20 ألف دولار كتعويض معنوي، و10 ألاف دولار كتعويض عن الضرر، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل ألزمت المحكمة المدعى عليهم بالمصاريف التقاضي والتي تشمل مصاريف المحامي
وكما هو معروف فإن مصاريف المحامي مكلفة جدا إذ تتراوح أجرة الساعة الواحة بين 100 و500 دولار، بينما تبلغ داخل المحكمة بين 300 دولار للساعة الواحدة و1000 أي أن تكلفة المحامي تجاوزت 10 آلاف دولار، وهو الشيء الذي يوضح الصرامة التي يتعامل بها القانون في مثل هذه الحالات، والقيمة المالية التي يمكن أن تكلف مثل هذه القضايا، إذ تجاوزت في هذه الحالة 40 ألف دولار
واقع الجالية المغربية بكندا اليوم
رغم أن أغلب من يقدمون على مثل هذه الأفعال يدركون خطورتها، ورأي القانون إلا أن خبث بعض من يسمون أنفسهم “مؤثرين” على مواقع التواصل الاجتماعي جعلهم يتفادون المتابعة القضائية عبر إبداع طرق للنيل من الأشخاص أو الجمعيات المدنية التي يسهر على تسييرها مغاربة كندا، ليس لشيء فقط انتصارا لآرائهم ودفاعا عن مصالحهم الضيقة
ويغفل هؤلاء أن بفعلهم هذا فهم يؤثرون سلبا على صورة الجالية المغربية بكندا، ويساهمون في التفرقة بين أبناء الوطن الواحد، كما أن مثل هذه السلوكيات تفوت على الجالية فرص الإتحاد والعمل من أجل خدمة المصالح المشتركة للجميع، وتقوية حضور الجالية المغربية داحل بلد الاستضافة عوض نشر رسائل الكراهية والحقد بين المغاربة
كما أن مثل هذه الأفعال ربما هي العامل الأساسي فيما تعيشه اليوم الجالية المغربية بكندا، فكل الجاليات من مختلف بقاع العالم تتحد لخدمة الصالح العام وتأسيس جمعيات ومراكز قوية لمساعدة كل من هم في حاجة إلى ذلك… وربما قد حان الوقت ليضع مغاربة كندا يدهم في يد بعض، من أجل القطع مع مثل هذه الممارسات وكذا قطع الطريق أمام من يسعى لاستغلال اسم الجالية المغربية للحصول على الدعم