13.4 C
Montréal
samedi, septembre 7, 2024
Accueil الحقل السياسي هل حان وقت إبعاد العدالة و التنمية من اللعبة؟

هل حان وقت إبعاد العدالة و التنمية من اللعبة؟

 تعديل القاسم الانتخابي يعيد التساؤل حول مسار الانتقال الديموقراطي في المغرب إلى الواجهة.

رغم أن الحديث عن الانتقال و التحول الديمقراطي، في المغرب، بدأ منذ بداية تسعينات القرن الماضي، مازالت تعترض عملية التحول هذه عراقيل عدة، منها تسربات بالية يصعب محوها، و مستجدات يخلقها من ليس في مصلحته بناء نظام ديمقراطي حقيقي، يخلو من الاحتكار و الانتهازية و الجشع و الفساد السياسي.
يتحرك هؤلاء كلما سنحت الفرصة، للقيام بكل ما يضمن لهم استمرار احتكارهم للمناصب، و لا يأتي هذه الاستمرار بالشفافية و النزاهة لأنها لم تبنى عليها أساسا، لذلك تجدهم يبدعون في المكر و اختلاق أساليب جديدة للاستمرار في اللعبة السياسية، دون مبالاة بالمواطنين، الذين بدورهم لايبالون، حسب ما تثبته حتى الأرقام الرسمية، بمن يفوز، ولا بمن يخسر، ربما لأنهم ضاقوا ذرعا أو فقدوا الأمل في التغيير، بعد التغييب و الإقصاء المتعمد الذي طالهم قبل عقود مضت.
ليست الدولة العميقة وحدها من تتحمل مسؤولية ما يمكن تسميته بتعطل مسار الانتقال الديموقراطي، فهي عاشت منذ الاستقلال بين ناري الضغوط الداخلية الناتجة أساسا عن الصراع الطويل مع القوى اليسارية المعارضة، و الضغوط الخارجية المتمثلة في التغييرات الجذرية التي شهدتها موازين القوى في العالم في النصف الثاني من القرن 20: انهيار الاتحاد السوفياتي مقابل بروز الأحادية القطبية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، و تطبيق المؤسسات المالية الدولية سياسة المشروطية السياسية مقابل منح القروض للمغرب.
و قامت الدولة ببعض الخطوات البارزة في سبيل الانتقال، بدءا من من التعديل الدستوري الأول سنة 1992، فالثاني سنة 1996، ثم الخطوة الأهم الكامنة في عقد توافق سياسي بين المؤسسة الملكية و المعارضة و تكوين أول حكومة تناوب تفاوقي سنة 1996، وصولا إلى التعديل الدستوري الأخير الذي تم مباشرة بعد الربيع العربي و بزوغ حركة 20 فبراير. و قد أعطى الملك محمد السادس منذ اعتلائه العرش إشارات قوية لتحديث الأنظمة الإدارية في المغرب، و إحداث قطيعة مع مايعرف في أبدجيات السياسة بسنوات الرصاص، بإطلاقه لخطة المصالحة لإنصاف المتضررين.

شهد المغرب سياسيا خلال العقدين الماضيين، تنظيم 4 انتخابات، رافقتها متغيرات عدة، حيث أن أول انتخابات برلمانية في عهد الملك محمد السادس، بعد ثلاث سنوات من توليه العرش عام 2002، قد تميزت بتعيين التكنوقراطي المستقل إدريس جطو رئيسا للحكومة. في حين تم تعيين الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله بن كيران رئيسا للحكومة بعد تعديلات دستورية للعام 2011. و عرف عهد محمد السادس تحاذبا كبيرا بين التيارات و الأحزاب السياسية، و هو تجاذب مختلف عن الصراع الذي كان قائما في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، حيث أن التجاذب القديم كان صراعا إديولوجيا محضا بين أحزاب قوية، يصب بشكل أو بآخر في سبيل تحسن الأوضاع الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية، و بالتالي يمكن القول أنه صراع صحي، أما الصراع الحزبي القائم منذ 1996 فهو صراع دائما ما تحوم الشكوك حول ما إذا صراعا فعليا أم مفتعلا، و هل هو صراع حول التسارع فيما يخدم مصلحة المغرب دولة و شعبا، أو هو مجرد منافسة على المقاعد و المناصب.

صعود حزب بمرجعية إسلامية سنة 2011 لم يكن ليقع، لو لا الظرفية التي سمحت بذلك؛ أو فرضت ذلك، و هذا الأصح ربما.
و أثير التساؤل حول علاقة هذا الحزب بالدولة العميقة، بعد المستجد الآخير المتمثل في مصادقة مجلس النواب، على مشروع القانون التنظيمي للمجلس، والذي شمل تعديلا يطال القاسم الانتخابي، الذي أصبح احتسابه يتم على أساس المسجلين، بدل الاعتماد على الأصوات الصحيحة فقط، كما كان يتم في الماضي.
حظي تعديل القاسم الانتخابي بمصادقة 162 برلمانيا، في حين تم رفضه من طرف 104 نائبا من نواب “البيجيدي”، فيما امتنع نائب برلماني واحد عن التصويت، وهو ما اعتبره البعض حشرا للحزب “الإسلامي” في الزاوية، من طرف البرلمان المغربي.
بعد خسارة “البيجيدي” للمعركة في البرلمان، رغم حشده غير المسبوق لنوابه لحضور جلسة التصويت على مشاريع القوانين الانتخابية، قرر الحزب اللجوء إلى المحكمة الدستورية، طامحافي إسقاط التعديل.

يقول رئيس فريق “العدالة والتنمية” بمجلس المستشارين: “لا زال أملنا معلقا على حكماء هذا الوطن، من أجل الاحتكام إلى المنطق والمصلحة الحقيقية والعليا لبلادنا، كما لا يزال أملنا كبيرا في المحكمة الدستورية التي سنرفع لها دفوعاتنا، قياما بما يمليه علينا ضميرنا من أجل الاستدراك والتصحيح، وتلافي جملة من التناقضات المسيئة لمسار تجربتنا الديمقراطية، ومن بينها مهزلة اعتماد قاسم انتخابي مختلف بين الانتخابات النيابية والجماعية، في مشهد سوريالي، حيث يحتسب كل صوت انتخابي في كليهما بوزنين مختلفين”.

وعبر خلال اجتماع شيخي، خلال اجتماع لجنة الداخلية الذي خصص لمناقشة القوانين التي ستؤطر الانتخابات المنتظرة هذه السنة، عن التأكيد على رفض حزبه لاعتماد القاسم الانتخابي على أساس المسجلين في اللوائح الانتخابية، لما له “من مس بجوهر العملية الديمقراطية، وما يمثله من إخلال بالاختيار الديمقراطي الذي كرسته بلادنا ثابتا دستوريا”، لافتا إلى أن اعتماده “من شأنه تكريس العزوف عن المشاركة السياسية الانتخابية، وتعزيز التوجهات المشككة في جدواها، والإساءة بعمق لصورة المؤسسات المنتخبة ومكانة ودور الأحزاب السياسية”.

وكان منافسو الحزب قد خطوا، ليل الجمعة الماضية، خطوة كبيرة بعد أن تمكنوا من تحقيق انتصار أول في معركة إقرار تعديل احتساب القاسم الانتخابي على أساس المسجلين في اللوائح الانتخابية العامة بدل الأصوات الصحيحة المعمول بها حالياً.

و وحّدت أحزاب المعارضة (الأصالة والمعاصرة، والاستقلال، والتقدم والاشتراكية) والأغلبية (التجمع الوطني للأحرار والاتحاد الدستوري والحركة الشعبية) صفوفها، خلال جلسة التصويت على مشاريع القوانين الانتخابية، من أجل تمرير التعديل.

هل رفض حزب العدالة و التمية للتعديل، لأنه يسيء لسمعة الديموقراطية في البلاد كما زعم رئيس فريق الحزب بمجلس المستشارين، أم لأنه يضر بمصالح الحزب الإسلامي الذي ألف ربح الانتخابات مؤخرا؟
و السؤال الأبرز هو: هل هذا التعديل لا ينم عن نية مبيتة، هدفها فعلا إبعاد العدالة و التنمية تديرجيا عن السلطة، مقابل منحها لأحزاب أخرى؟ أي هل أن الحزب ذي المرجعية الإسلامية مان مجرد ورقة لعب بها و انتهى وقتها؟

المؤكد أن التعديل الجديد، و إن تم، لن يخدم مصالح المواطن بدرجة أولى، المواطن الذي سيتم احتساب صوته، لمجرد كونه مسجلا في اللوائح الانتخابية مسبقا. و هو أمر مسيء بكل تأكيد للديموقراطية في المغرب و مسارها الملتوي.

- Advertisment -

Most Popular

Recent Comments

error: Content is protected !!