علاقة بموضوع جمع بعض المساجد و الجمعيات الإسلامية في كندا للتبرعات، و ما يثار حول ذلك من شكوك حول مصير تلك الأموال التي يتبرع بها أفراد الجالية المغربية، و الإسلامية المقيمة بكندا عموما، أجرت “أوريجين” حوارا صحافيا مطولا مع السيد عبد المجيد الجرومي، رئيس جمعية “مسلم ترانسبارانسي”، التي أسست منذ 3 سنوات، للوقوف عند التجاوزات و الخروقات التي تقوم بها بعض المساجد في كندا عموما، و إقليم مونتريال بشكل خاص.
يقول السيد الجرومي أن المساجد و المصليات المتواجدة في مونتريال، و التي يزيد عددها عن 120، لم تؤسس كلها لاستيعاب الجالية المسلمة، إنما عدد كبير منها أسسه بعض الأعضاء الذين انشقوا عن مكاتب مساجد أخرى، كانوا يشتغلون فيها سابقا بسبب خلافات مالية. و يضيف أن جمعية “مسلم ترانسبارانسي” كشفت عدة تجاوزات تستوجب تدخل طرف معين، و قال أن النظام في كندا لا يمنح الصلاحية للدولة للتدخل في كل ما هو ديني، لأنه نظام علماني، يترك الصلاحية لكل جالية و كل طائفة الحق في ممارسة طقوسها الدينية، و الاعتماد على ممتلكاتها، للقيام بذلك.
“حاولت التواصل، قبل تأسيس هذه الجمعية” مغ المعنيين بالأمر، أي بعض الإدارات التي تسير المساجد، لاستفسارهم حول غياب منطق الديموقراطية و التناوب و الشفافية في التسيير… و باستثناء مساجد قليلة، و هنا أركز على كلمة استثناء، معظم المساجد تسير دون شفافية”. هكذا عبر لنا الفاعل الجمعوي المقيم بكندا منذ 1999 عن استيائه مما تقوم به بعض إدارات المساجد.يرى الجرومي أن المسجد مشروع مربح لبعض الأفراد الذين يمتنعون عن العمل، مؤكدا أن فتح المساجد في كندا تجارة بكامل الأوصاف، حيث أن مزحة “إلا مالقيتي ما تدير، فتح مسجد”، أصبحت واقعا معاشا.
و يرى الجرومي أن التبرع للمسجد أمر واجب على المسلمين، إلا أنه يرفض الاستغلال. و قال أن استغلال الأديان أمر شائع منذ القدم، مستدلا بالآية القرآنية: 《إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل.》
يطالب الجرومي بالشفافية في عملية جمع التبرعات التي تقوم بها المساجد، و أسر لنا أن الجمعية التي يرأسها اكتشفت بعد البحث، أن بعض الجمعيات الإسلامية تملك أموالا طائلة، و بعض العاملين في المساجد يتلقون أجورا خيالية، و لا أحد يعلم ماذا يصنعون في هذه المساجد. و يؤكد أن الجمعية تواصلت مع كل مسيري المساجد في كبيك، ولا أحد قدم أدلة عن المداخيل و المصاريف، و أن هؤلاء يستغلون كلمة “مسجد” لاستدرار عواطف الجالية الإسلامية، و استثمار تبرعاتهم في مشاريع تذر أموال طائلة.
كما استغرب الجرومي من أجور الأجور الخيالية التي يتلقاها بعض الأداريين و الأئمة، و قال أن بعض الأئمة غير راضون عن الفساد الذي يقع، إلا أنهم يلتزمون الصمت للحفاظ على عملهم، خاصة و أن الإدارات تغير الأئمة باستمرار، و استمرار الإمام يعتمد على كم جمع من التبرعات. و يصل راتب الإمام الذي يجيد تحصيل التبرعات إلى 6000 دولارا.
“العجيب أن انعدام الشفافية لا يحصل إلا في الجمعيات الإسلامية” يضيف الجرومي. و يقول أن الأمر اعتيادي في البلدان العربية و الإسلامية، لكن غريب أن يحدث في دولة ديمقراطية ككندا، حيث الجمعيات تلتزم بإجراء انتخابات دورية كل 3 سنوات، و جمع عام سنوي يتم فيه تقديم التقرير المالي و الأدبي.
ذكر أن الجمعيات الإسلامية في كندا يسيرها فرد أو اثنان، و الأغرب أنه لا يحق الانخراط فيها إلا بالتزكية.
“التبرعات مرحب بها، و الانخراط مستحيل”، هكذا يصف الجرومي القواعد الذي يفرضها المسيرون الذين يعبثون بأموال الناس.
استحضر الجرومي واقعة إيقاف الإمام الذي تم ترحيله من كندا بعدما ثبت أن عقارا اشتراه الناس لبناء مسجد مسجل باسمه، و قال أن الكثيرون يملكون أراض مسجلة بأسمائهم في القرض العقاري، و اعتبر ذلك مخالفا لتعاليم الدين الإسلامي، مستشهدا بالآية القرآنية “وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا”.
عبر الجرومي أيضا استيائه من تشغيل عدة عاملين، قائلا أن المسجد لا يحتاج لأكثر من إمام واحد، كما أكد طيلة الحوار أنه من حق من يتبرعون بأموالهم معرفة أين تصرف، في إطار من الشفافية و الديمقراطية. و قال أنه حصل على معلومات متعلقة بأجور كل من يحصل على أجر من الدولة الكندية من رئيس الحكومة الفيدرالية إلى آخر مستشار، و لم يستطع معرفة أجور بعض الأئمة.
و حذر الجرومي من قيام الصحافة الكبيكية بالتحقيق في الأمر و كشف الفساد، لما قد يسببه الأمر من إساءة لسمعة الدين الإسلامي.
“الجمعية ستواصل عملها من أجل توعية الناس، و المطالبة بخلق قواعد تدبير لغلق باب الاختلاسات”، هذا ما قاله الجرومي كرد على المحاربة الشرسة التي تقوم بها إدارات بعض المساجد، و التي اتخذت أشكالا متنوعة، كنشر الذباب الإلكتروني للإساءة لسمعة الجمعية، و المتابعة القضائية، و أشار إلى أن جمعيته لا تنافس أحدا ولا تنوي إزاحة أحد، و ليست ضد أشخاص بعينهم، لكنها جاءت لتحارب الفساد و كشف الأقنعة عن مسيري تلك المساجد و الجمعيات التي تستغل الدين الإسلامي من أجل مصالح شخصية. و استثنى الجرومي بعض المساجد التي لا تقوم بذلك، و قال أن هذه المساجد على قلتها، مساجد فقيرة. أما السائد حسب ما ذكر الجرومي، هو الفساد و الانتهازية.
أكد الجرموني أن من اختار التصرف في مال الناس متهم حتى تثبت إدانته، لذلك على المساجد و الجمعيات الإسلامية أن تعلن على رواتب الأئمة و العاملين و الأدوار التي يقومون بها، و الفواتير و كل النفقات، و أنه لا يمكن الحديث عن الشفافية إلا بإجراء انتخابات و جمع عام سنوي، و انتخاب عضوان لمراقبة المصاريف و المداخيل.